تمكنت التركيبة السياسية الحالية من التغلب على ازمة كبيرة كادت تطيح بالحكومة وتعرض البلاد لازمة كبرى، عندما توافق كبار المسوؤلين وفي مقدهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وأغلبية الكتل النيابية والشخصيات السياسية، على إنقاذ رئيس الحكومة سعد الحريري من الضغوط التي تعرض لها لتقديم استقالة حكومته من خارج لبنان وعبر تلفزيون سعودي، رافضين المس بكرامة لبنان واللبنانيين.
وقالت مصادر سياسية ان اللبنانيين استبشروا خيرا بالمستقبل السياسي بعد التفاهمات التي حصلت بين أركان الدولة وبالتحديد بين عون وبري.
ولاحظت المصادر ان شهر العسل لم يدم طويلا وما لبث ان تجدد الخلاف بين السلطتين الاولى والثانية بسبب توقيع مرسوم من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، مما اعتبره بري مخالفة دستورية وميثاقية وطعنا بالطائف والدستور لانه لم يحظ المرسوم بتوقيع وزير المالية.
واعتبرت المصادر ان اعتراض رئيس المجلس النيابي لا علاقة له لا بالدستور ولا بالميثاقية، بل هو اعتراض على تخطي وزير المال ومعه حركة امل ورئيسها، وهنا تكمن المشكلة التي هي بحاجة الى معالجة سياسية قبل ان تكون قضائية او دستورية.
وقالت المصادر، اذا كان تصرف رئيس الجمهورية ومعه رئيس الحكومة يأتي في اطار التصويب على رئيس المجلس النيابي بوصفه فريقا شيعيا، نكون دخلنا في نفق من الصعب الخروج منه يعرّض الاستقرار القائم الى هزات سياسية كبرى.
واضافت المصادر نفسها اذا كان اعتراض رئيس المجلس النيابي يَصب في خانة أضعاف العهد ورئيسه عبر اتهامه بالهيمنة على الوزارات والبلاد خلافا للدستور، نكون ايضا امام ازمة لا تنتهي قبل نهاية العهد مع ما يرافق ذلك من تداعيات سلبية على الحكم والحكومة.
ولاحظت المصادر وجود اجماع على ان التوافق في كل شاردة وواردة يكربج الدولة، وتصبح الامور غير قابلة للحكم خاصة اذا ما اعتمدنا موافقة كل الطوائف على أشياء تعتبر بديهية، كالتوقيع على مرسوم عادي تم اعتماده بنفس الطريقة التي أنجز فيه اليوم، منذ الطائف وما قبله، والأمثلة على ذلك كثيرة وموثّقة.
وسألت المصادر، بماذا سيجيب كبار المسؤولين على أسألة المغتربين ونحن على أبواب انتخابات نيابية يشارك فيها هؤلاء لأول مرة، اذا ما استفسروا عن اسباب هذه الازمة وخلفياتها؟.
وتابعت المصادر، هل سيقولون لهؤلاء ان رئيس المجلس النيابي لم يستوعب بعد ان العماد ميشال عون وصل الى رئاسة الجمهورية دون موافقته، ام انهم سيقولون لهم ان رئيس الجمهورية يريد تسجيل نقاط على رئيس المجلس، ومعظم المغتربين يعيشون في دول تحترم قوانينها ودساتيرها ولا شخصنة لمثل هذه الامور.
وتعتقد المصادر، انه آن الاوان كي يتوقف هذا السجال بين الرئاستين الاولى والثانية، وان يعمل الوسطاء الشرفاء على حلول سياسية صلبة تمنع مثل هذا الاشتباك مستقبلاً.
وخلصت المصادر الى الاشارة على ان المسؤولية الاولى للوصول الى حل جذري للخلاف السياسي القائم بين الرجلين تقع على الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي يتمتع بثقة الاثنين قبل ان تتحول الازمة الى ازمة حكم يخسر معها الجميع، ويتعرض استقرار لبنان للخطر خاصة وان هذا الاستقرار هو حاجة ملحّة للجميع بدعم إقليمي ودولي.